كيف نتعامل مع النصوص الأدبية التي توظف نصا من القرآن الكريم؟
هذه المسألة اختلف فيها العلماء بين مجيز ومانع وقد روي عن البقلاني كراهته
ولكن توظيف ايات او مقاطع من نصوص شرعية من كتاب او سنة وسماه القدماء تضمينا والمتأخرون اقتباسا
الذي اراه فيه مايلي
ان القران الكريم اعجز الناس ببيانه والاعجاز البياني والبلاغي من ابرز مظاهر الاعجاز العام في القران الكريم
كما ان السنة النبوية فيها من الاعجاز ما روي انه عليه السلام اوتي جوامع الكلم وميز بذلك عن سائر الانبياء عليهم السلام
وقد ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في كثير من الأحاديث التضمين لايات في حديثه ومنها: ” إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ” ومنها قوله – صلى الله عليه وسلم – ” الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين “
و قد ورد في الاشعار ما وافق القران والسنة سواء في الشعر الجاهلي قبل الاسلام كما في شعر عبيد بن الابرص وزهير بن ابي سلمى في معلقتيهما او في شعر امية بن ابي الصلت الذي كان يجب النبي صلى الله عليه وسلم شعر كما في صحيح مسلم
كما وردت نصوص شعرية في عصر صدر الاسلام وما بعده موافقة لبعض الاثار او الايات
كقول الطرطوشى
رحل الظاعنون عنك وأبقوا … فى حواشى الأحشاء وجدا مقيما
قد وجدنا السلام يردا سلاما … إذ وجدنا النوى عذابا أليما …
وثبت عن الشافعى:
أنلنى بالذى استقرضت خطا … وأشهد معشرا قد شاهدوه
فإن الله خلاق البرايا … عنت لجلال هيبته الوجوه
يقول إذا تداينتم بدين … إلى أجل مسمى فاكتبوه
كما ذكر صاحب البرهان في علوم القران
وعلى ايه حال فان النص القراني ان وافق تركيبه تركيبا معروفا في الادب العربي فلا شك في جوازه
ولكن الخلاف في الاقتباس على صورة موافقة للنص القراني او النبوي
وعليه
فالاولى عدم الاقتباس ، وان كان الشاعر لابد مقتبسا فبشروط
اولها : ان يكون السياق مناسبا للاقتباس
ثانيا: ان توضع الاية في سياق يناسب معنى الاية الكريمة بمعنى ان لا يقتبس النص الشريف في سياق لم يعتبره علماء التفسير معنى محتملا للاية او شراح الحديث معنى معتبرا للحديث
ثالثا: ان يكون السياق العام مضبوطا بالاداب الشرعية في الخطاب ، بمعنى قوله عليه السلام ان من البيان لحكمه، فلا تحوي القصيدة اسفافا او تشبيبا او غيره مما لا ينبغي
قال ابن مفلح المقدسي الحنبلي في الآداب الشرعية: سئل ابن عقيل عن وضع كلمات وآيات من القرآن في آخر فصول خطبة وعظية؟ فقال: تضمين القرآن لمقاصد تضاهي مقصود القرآن لا بأس به تحسينا للكلام، كما يضمن في الرسائل إلى المشركين آيات تقتضي الدعاية إلى الإسلام، فأما تضمين كلام فاسد فلا يجوز ككتب المبتدعة.
وقد أنشدوا في الشعر:
ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنينا
ولم ينكر على الشاعر ذلك، لما قصد مدح الشرع، وتعظيم شأن أهله، وكان تضمين القرآن في الشعر سائغاً لصحة القصد وسلامة الوضع
واما ان كان في التضمين من معاني الاستهزاء او الكفر او الانتقاص او التعريض بالقران الكريم فحرام قد يبلغ درجة الكفر عياذا بالله
وعلى كل فالاولى اجتنابه تكرمة لكتاب الله ولسنة نبيه عليه السلام
والله اعلم