عاشقة الفردوس says:
(فتوى)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير دكتورنا الفاضل أمجد سعادة
وجعل كل ما تقدمه في ميزان حسناتك
أريد اجابة لهذهِ الأسئلة
– ما هي الرواتب والنوافل التي تصلى بعد فرض المغرب وقبل أذان العشاء؟
– هل يوجد سنن ثوابها أكبر من ثواب الفرائض ، اذا يوجد ما هي؟
– من هو الصحابي الجليل الذي شارك في جهاد الكفار حياً وميتاً؟
وجزاك الله عنا كل خير
الإجابة :
مشرف موقع وصفحات د.أمجد علي سعادة says:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
وبعد : فيما يتعلق بالسؤال الأول : المراد بالسنن الرواتب على وجه العموم هي الصلوات النوافل التابعة للفرائض ، وبعضها تؤدى قبل الفرائض والبعض الآخر بعد الفرائض ، وهذه الرواتب تقسم إلى قسمين : رواتب مؤكدة ، ورواتب غير مؤكدة ، أما الرواتب المؤكدة : فهي اثنتا عشرة ركعة وردت في سنن النسائي وغيرها بإسناد صحيح عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ » . وأما الرواتب غير المؤكدة فهي : أربع قبل العصر، وركعتان قبل المغرب، وركعتان قبل العشاء لمجيئها في أحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالنسبة لما ورد في السؤال الأول : فإن الراتبة التي تؤدى بعد فرض المغرب وقبل أذان العشاء هي ركعتان بعد المغرب (السنة الراتبة للمغرب) ، وبالنسبة للنوافل فينبغي التنبه إلى أن التنفل المطلق مشروع في كل وقت إلا أوقات النهي ، ومعلوم أن الوقت الممتد من المغرب إلى العشاء ليس من أوقات النهي فلا هو من الأوقات التي حرمت فيها صلاة النافلة ولا هو من الأوقات التي كرهت فيها صلاة النافلة ، وبالتالي يكون التنفل المطلق من غير تقييد بعدد ركعات أو تسمية أو غير ذلك مشروعا في هذا الوقت ، وأما ما ورد في بعض الأحاديث والآثار من تسمية صلوات نافلة بأسماء معينة أو تحديدها بركعات معينة فلا يصح من ذلك شيء بل إن اعتقاد أفضليتها على غيرها من الصلوات النافلة هو من البدع المحدثة التي لا تجوز ، ويجدر بالذكر هنا أنه قد وردت بعض التسميات للصلاة النافلة بين المغرب والعشاء كتسميتها بصلاة الأوابين وصلاة الأبرار كما ورد على سبيل المثال في حلية الأولياء للأصبهاني عن عُمَرُ بْنُ أَبِي خَلِيفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ – وَصَلَّى مَعَنَا الْمَغْرِبَ فَأَخَذَ بِيدِي حِينَ انْصَرَفْنَا – فَقَالَ: «تَرَى هَذِهِ السَّاعَةَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَإِنَّهَا سَاعَةُ الْغَفْلَةِ، وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ، وَمَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فَقَرَأَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ فِي رِيَاضٍ الْجَنَّةِ» وكما ورد في الزهد لابن المبارك وغيره عن محمد بن المنكدر مرفوعا (من صلى ما بين صلاة المغرب إلى صلاة العشاء؛ فإنها صلاة الأوابين) قال فيه الألباني رحمه الله : وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة ، الألباني ، 10/133) ، وكما عند سعيد بن منصور وغيره بإسناده عن الْأَوْزَاعِيّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أبي سَوْدَة أَن النَّبِي قَالَ: صَلاةُ الأَوَّابِينَ وَصَلاةُ الأَبْرَارِ رَكْعَتَانِ إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ وَرَكْعَتَانِ إِذَا خَرَجْتَ. وكما تقدم فإن كل هذه الأحاديث بين موضوع وضعيف ولا يصح منها شيء ولا يصلح الاحتجاج بها ، والصحيح أن صلاة الأوابين هي ذات صلاة الضحى المعروفة كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة كما في مسند أحمد وغيره عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ وَهُمْ يُصَلُّونَ الضُّحَى فَقَالَ: ” صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتْ الْفِصَالُ مِنَ الضُّحَى ” ، وكذلك ورد في بعض الأحاديث ذكر صلاة تسمى بصلاة الرغائب ، وقد قال فيها الإمام النووي رحمه الله في المجموع : (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وهي: ثنتا عشرة ركعة تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان، ومنكران قبيحتان ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب وإحياء علوم الدين ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة، فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك، وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتاباً نفيساً في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد رحمه الله). وقال الإمام ابن عابدين رحمه الله في “حاشيته” (2/26) :” قال في “البحر” : ومن هنا يعلم كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب في أولى جمعة منه وأنها بدعة “. . .وسئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله : هل تجوز صلاة الرغائب جماعة أم لا ؟ فأجاب : ” أما صلاة الرغائب فإنها كالصلاة المعروفة ليلة النصف من شعبان بدعتان قبيحتان مذمومتان وحديثهما موضوع فيكره فعلهما فرادى وجماعة ” انتهى .”الفتاوى الفقهية الكبرى” (1/216) . والخلاصة أن التنفل المطلق بين المغرب والعشاء أو بعد العشاء أو في غير ذلك من غير الأوقات المنهي عن الصلاة فيها جائز ومشروع ، وأما التحديد بركعات معينة أو تسميات معينة واعتقاد أفضليتها على سائر النوافل فهو من البدع المحدثة التي لا دليل عليها من الشرع والله أعلم .
وأما ما يتعلق بالسؤال الثاني فلا نعلم سننًا تزيد في الثواب على الفرائض ، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي : ” مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ …” ، فظاهر الحديث المذكور أن أفضل القربات إلى الله هو أداء ما فرض جل وعلا ، ولا يفضل الفرائض شيء والله أعلم اللهم إلا ما ورد في شأن التهاجر بين المسلمين أن المسلم الذي يبدأ بالسلام على أخيه بعد التهاجر أفضل من الآخر الذي لا يبدأ بذلك ، ومعلوم أن إلقاء السلام سنة مستحبة و الرد على السلام فرض ومع ذلك كان فاعل السنة هنا أفضل من فاعل الفرض لأنه بادر إلى التصالح مع أخيه ودليل ذلك حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه في الصحيحين ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ».
وأما السؤال الثالث فالصحابي الذي شارك في جهاد الكفار حياً وميتاً هو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه والله تعالى أعلم .