فتاوى الدكتور امجد علي سعادة

لبس الحجاب في البيت

ماحكم لبس المرأة الحجاب في بيت العزاء خاصة عندما يكون بيت العزاء يخصها؟ وهل المدوامة على لبس الحجاب في بيت المرأة خرافة؟ وما مدى صحة الحديث الذي ورد عن الرسول مع السيدة عائشة عندما رفضت الملائكة دخول بيت النبي بسبب تكشف جزء من قدم السيدة عائشة وهل هو حديث ضعيف ؟وهل اذا كان الحديث صحيح يتم الفهم منه بأن الملائكة لا تدخل البيت الذي تنكشف فيه جزء من عورة المرأة او كلها وكيف يفهم الحديث؟

مشرف موقع وصفحات د.أمجد علي سعادة says:

الواجب على المرأة أن تلتزم بلبس الحجاب الشرعي بحضرة الرجال الأجانب ، ولا يجب عليها لبس الحجاب أمام محارمها ، فالحكم هنا و هو وجوب ارتدائها الحجاب متعلق بوجود الرجال الأجانب أو عدم وجودهم ولا يتعلق بشيء آخر مما ورد في السؤال كوجودها في بيت العزاء أو في بيتها أو غير ذلك من الأسباب ، وبالنسبة للحديث الذي أردته فهو ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ” أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: بَلَى، قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا عِنْدِي، انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا، فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ، فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ، فَلَيْسَ إِلَّا أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: «مَا لَكِ؟ يَا عَائِشُ، حَشْيَا رَابِيَةً» قَالَتْ: قُلْتُ: لَا شَيْءَ، قَالَ: «لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: «فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟» قُلْتُ: نَعَمْ، فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قَالَ: «أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟» قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، نَعَمْ، قَالَ: ” فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي، فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ “، قَالَتْ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ ” قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ “. فهذا الحديث صحيح وهو في صحيح مسلم كما تقدم ، والشاهد منه هو قوله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام  : ” وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ ” ، لكن هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس صريحا في عدم دخول الملائكة للبيت عند عدم لبس المرأة حجابها به ، إذ إن وضع الثياب أعم من عدم ارتداء الحجاب والجلباب ، فالظاهر أن وضع الثياب المذكور في الحديث يعني تكشفًا وتخففًا من الثياب يتناسب مع حال النائم خاصة في البلاد الحارة وليس مجرد وضع الحجاب ، بل قد دلت الأحاديث الصحيحة على دخول جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة وهي نائمة بجواره أو مستلقية ومعلوم أن المرأة حال نومها لا تكون مرتدية لحجابها فقد روى البخاري في صحيحه وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم سلمة رضي الله عنها : ” يَا أُمَّ سَلَمَةَ لاَ تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا ” واللحاف هو ما يتغطى به النائم ، فهي إذًا رضي الله عنها كانت متغطية مع النبي صلى الله عليه وسلم في لحافها – والمرأة في هذا الحال لا تكون مرتدية للحجاب كما تقدم – ومع ذلك لم يمنع هذا الحال دخولَ الوحي جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، فليس ثمة دليل صريح يفيد عدم دخول الملائكة للبيت الذي تخلع فيه المرأة حجابها والله تعالى أعلم .

كتب أُخرى