السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اود الاستفسار من حضرتكم عن بعض الامور:
– ما حكم صلاة الجماعة الثانية التي تقام بالمسجد بعد ان ينهي الامام الجماعة الاولى , التي يصليها من لم يدرك الاولى؟
– ما هي صلاة التسابيح ؟ وما هي صفتها ؟ وما هو حكمها ؟
مشرف موقع وصفحات د.أمجد علي سعادة says:
صلاة الجماعة الثانية في المسجد جائزة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند أحمد وأبي داود وغيرهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَنْ يَتَّجِرُ عَلَى هَذَا – أَوْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا – فَيُصَلِّيَ مَعَهُ ” قَالَ: فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ ، وقد بوب الإمام أبوداود السجستاني في سننه لهذا الحديث فقال : ” بَابٌ فِي الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ ” ثم أورد هذا الحديث ، لكن هذه الجماعة الثانية تكره إن كان الإمام الراتب للمسجد يكرهها وكان المسجد مسجد حيٍّ في منطقة محصورة كالمساجد التي في بعض القرى النائية ، أما مساجد الطرقات التي يكثر ويتنوع مرتادوها كما هو حال معظم المساجد اليوم فلا تكره فيها الجماعة الثانية بل تستحب ، وكذلك تكره الجماعة الثانية إن تعمد مقيموها التخلف عن الجماعة الأولى ليقيموا لهم جماعة خاصة بعد فراغ الجماعة الأولى من صلاتهم .
أما صلاة التسابيح أو صلاة التسبيح فهي الواردة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الترمذي وأبي داود وغيرهما : ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: ” يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّاهُ، أَلَا أُعْطِيكَ، أَلَا أَمْنَحُكَ، أَلَا أَحْبُوكَ، أَلَا أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ، إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ، خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ، صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ، سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ، عَشْرَ خِصَالٍ: أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَأَنْتَ قَائِمٌ، قُلْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرْكَعُ، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَسْجُدُ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ، فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً “، وهذا الحديث قد حكم عليه جمعٌ من المحدثين بالضعف ، فقد قال العقيلي في الضعفاء الكبير (1/124) : “وَلَيْسَ فِي صَلَاةِ التَّسَابِيحِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ” ، وقال العجلوني في كشف الخفاء (2/517) : “وباب صلاة التسابيح لم يصح فيه حديث.” ، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/14-22) : ” وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ لَيْسَ فِيهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا حَسَنٌ ، وَبَالَغَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَذَكَرَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَصَنَّفَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ جُزْءًا فِي تصحيحه فتباينا. وَالْحَقُّ أَنَّ طُرُقَهُ كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقْرُبُ مِنْ شَرْطِ الْحَسَنِ إلَّا أَنَّهُ شَاذٌّ، لِشِدَّةِ الْفَرْدِيَّةِ فِيهِ وَعَدَمِ الْمُتَابِعِ وَالشَّاهِدِ مِنْ وَجْهٍ مُعْتَبَرٍ وَمُخَالَفَةِ هَيْئَتِهَا لِهَيْئَةِ بَاقِي الصلوات ،…وَقَدْ ضَعَّفَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَالْمِزِّيُّ وَتَوَقَّفَ الذَّهَبِيُّ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي عَنْهُمْ فِي أَحْكَامِهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ النووي فَوَهَّاهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ حَدِيثُهَا ضَعِيفٌ وَفِي اسْتِحْبَابِهَا عِنْدِي نَظَرٌ لِأَنَّ فِيهَا تَغْيِيرًا لِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ الْمَعْرُوفَةِ فَيَنْبَغِي أن لا تُفْعَلَ وَلَيْسَ حَدِيثُهَا بِثَابِتٍ”. وعليه فلا أرى مشروعية صلاة التسابيح لضعف الحديث الوارد فيها ، ثم لمخالفتها صفة وهيئة الصلاة المشروعة المنقولة إلينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما أن المصلي فيها سينشغل بعَدّ التسبيحات وهذا منافٍ للخشوع الذي ينبغي أن يكون عليه المصلي ، كذلك فإن الأجر والثواب الوارد في حديثها مبالغ فيه مما يوحي ويشير إلى ضعف هذه الروايات الواردة في شأنها ، وكذلك فإن ما ورد في آخر حديثها من الحث على فعلها ولو مرة واحدة في العمر مخالف لما استقر علمه من أن العبادة المفروضة مرة واحدة في العمر هي الحج دون غيره من العبادات ، والله تعالى أعلم